أنعم الله تعالى على يوسف بالنبوة و أكرمه بالرسالة قبل محنته مع إمرأة العزيز ، و قد علمه الله التنبؤ بأخبار الرؤيا في المستقبل و تأويلها ، و بعد تلك المحنة ، آثر يوسف عليه السلام السجن عن الوقوع في الفاحشة و ارتكاب المعصية ، فدخل السجن دون أن يأتي بأية جريمة مبررة ، و قد دخل معه إلى السجن فتيان ، كان أحدهما رئيس السقاة عند الملك ، و الآخر رئيس الخبازين أخذ يوسف في السجن يدعو المسجونين لتوحيد الله و عبادته و عدم الشرك به ، و قد بانت قدرة يوسف على تأويل الرؤيا للمسجونين ، فقد كان ينبئهم بالطعام قبل إتيانه ، و قد كان يوسف فس سجنه يعود المرضى و و ينصح الأشقاء و يواسي الضعفاء، و في اليوم التالي ليوسف في السجن ، جاء فتيا الملك ، فقال الساقي أنه قد رأى في منامه أنه يعصر العنب بيده خمراً في كأس الملك ، اما الخباز فقال أنه يرى فوق رأسه طبقاً من الطعام و الخبز تأكل منه الطير طلب كل من الخباز و الساقي من يوسف أن يفسر لهما رؤيتهما ، فأول يوسف للساققي أنه سيخرج من السجن و يعفو عنه الملك و يعيده ساقياً له ، و طلب يوسف من ذلك الساقي أن يسأل الملك بالعفو عنه إذا ما خرج من سجنه و أن يقول له بأنه مظلوم اما ما قاله سيدنا يوسف في تأويل رؤيا الخباز ، فقد كان أنه سيصلب و ان الطير ستأكل من رأسه و قد جاء ذلك في هذه الآيات من سورة يوسف ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ (35) وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ۚ ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ۚ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (38) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ ۚ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41) وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42) تحقق مصير كل فتى من هذين الفتيين الذي أخبر عنه يوسف ، و بعد أن خرج الساقي من سجن و عاد للعمل عند الملك ، أخبره الملك بأنه قد رأى في منامه سبع بقرات جميلات و سمان ، يأكلهن سبع بقرات أخريات قبيحات و هزيلات ،و في منام آخر رأى في اليوم التالي سبع سنبلات خضراء و حسنوات يابسات، تأكلها سبع سنبلات طلب الملك تفسيراً لرؤيته قتذكر الساقي يوسف و تفسيره لحلمه ، و قال للملك بأن يوسف السجين خبير بتأويل الأحلام ، فأرسل الملك الساقي للسجن ليسأل يوسف عن تأويل الرؤيا ، أخبره يوسف بأن هذه البلاد ستتعرض لدورتي خصب و جدب ، كل دور ة ستدوم سبع سنوات ، و ان على العباد ان يحفظوا السنابل التي سيجنونها في دورة الخصب لتعينهم في دورة الجدب و قد جاءت الآيات الكريمة التالية واصفة هذه الرؤيا وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ۖ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)
لا يوجد تعليقات
أضف تعليق