السندباد البري

0

في زمن الخليفة  الرشيدِ ‏في بغدادْ‏
كان يعيش السندباد البَرِّي‏ مهنتُه حَمّالْ‏ وهو فقير الحالْ‏ وذاتَ يوم في اشتداد الحرِّ‏
أنزل حملهُ‏ أمام قصر رائع كبيرْ‏ من أبدع القصور‏ وراح ينظر الحمال في إعجابْ‏
وهْو أمام البابْ‏ مستلقياً في الظلِّ‏ متكئاً على مَتاع الحَمْلِ‏ حيث تهبُّ النسمةُ العليلة‏
وترقص المشاتل الظليلهْ‏ وتعبَقُ الزهورْ‏ بأطيب العطورْ‏ نام قليلاً‏ ثم استيقظ المسكينْ‏ وقلبُهُ حزين‏ لأنه فقيرْ‏ ليس لديه غيرُ كوخ بائسٍ‏ من طينْ‏ وفجأةً‏
ناداه صوت ناعم رقيقْ‏ تعال هيّا  أيها الصديقْ ‏فوجئَ من هذا الكلامِ‏ السندباد البري‏
إذْ كيف يدعوه الفتى‏ من دون أن يعرفهُ ‏وكيف يدعو صاحبُ القصرِ‏ امرأً فقيرْ ‏
ودخل الحمال ذاك القصرَ‏ في خجلْ‏ وفتح العينين في عجبْ‏ لشجر الليمون والتفاحِ‏
والإجَّاص والعنبْ‏ أما عن الورودْ‏ فهي صنوف تأخذ العقولَ من كَثْرتها‏
وجودةِ التَّنْضيدْ‏ إنتشرت مساكباً على الجنبينْ‏ في وسط الساحة عينْ‏ تفجرّت بالماء ْ‏في شكل نافورهْ‏ تكاد أنْ تطاولَ السماءْ‏ لكنها تعود منثورهْ‏ وسمع الحمال من بعيدْ‏ مغنياً .. وصوتَ عودْ‏ وقاده الفتى إلى إيوانْ‏ لم يَرَ قبلُ مثله إنسانْ‏ وكان مجلس الإيوان عامراً بالناسْ‏ فقطع الأنفاسْ‏ خشيةَ أن يكون قد أزعجَهم‏ لكنهم تصايحوا بهِ :‏ تفضلْ‏ أتدري ‏
أنت هنا في قصر السندباد البحري ‏ثم دنا البحريُّ قائلاً ‏ هَلا  هَلا  بالضيف فصرخ الحمالُ‏ أنت السندباد البحري‏ أجابه ُ‏ نعم  نعم‏ وهل عجيب أمري‏ قال له الحمالُ ‏  أنت سيدُ العجائبْ‏ وصانع الأحلام والغرائبْ‏ دعْني أُقبّلْ جبهتَكْ‏ وجُبَّتكْ ‍‏وضحك الجميعُ‏
ثم غنوا طربا‏ وأسمعوا من النكات العجبا‏ وأكلوا  وشربوا‏ وبعد ذاك ذهبوا‏ وقد أقام السندباد البرِّي‏ ضيفاً عزيزاً‏ في رحاب السندباد البحري‏ ووعد الحمالَ أن يقصَّ عن سفراتِهِ‏ وما جرى له من خطرٍ‏ أَحْدقَ في حياتِهِ‏ وفي صباح الغدِ‏ كان الجمع حاشدا‏
والكل منصتونْ‏ ليعرفوا قصَّته المليئة الأحداثِ‏ بالأخطار والترحالِ‏ والعزمِ الذي يقوى  ولا يلينْ ‏وهكذا عرفنا قصةً‏ تظل للأجيالِ‏ عن رجل حياتُهُ‏
من سير الأبطالِ‏

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Post Top Ad

Your Ad Spot

الصفحات

تابعنا على الفايسبوك

لأكثر شهرة